مقدمة

عندما قابلت دورثي هيثكوت لمجلة SCYPT   عام 1984 كان الحوار الذي جرى بيننا طويلاً، ولم يتسنَّ لنا تضمين كل الموضوعات التي ناقشناها معًا. في تلك المقابلة تحديداً، قامت دوروثي، وبشكل واضح، بشرح طرق تحليل الدراما وتطوير المحتوى وإثرائه، تلك الطرق التي قمتُ باستخدامها ومشاركتها مع الآخرين باستمرار خلال عملي مع المعلمين، وكذلك مع فريق المسرح في التعليم (TIE . سأل العديد من الناس " هل تمت كتابة ذلك"؟ وأنا أقول حسب معرفتي هنا، بأن دوروثي تقاعدت الآن. وبالتالي ليس من المستبعد أن تقوم بكتابة أعمالها. وعليه آمل أن تكون مراجعتي هذه مقاربة لطريقه تفكيرها. في القسم الأول من هذه المقالة يترتب علي شرح ما ورد في المقابلة باستخدام كُل مادة المقابلة قدر المستطاع. وفي القسم الثاني سأشارككم المادة التي قمت بإعادة إعدادها خلال عملي مع فريق المسرح في التعليم.

 

القسم الأول

مستويات التفسير لدى دورثي هيثكوت

سأبدأ بجدول بسيط يقدم المصطلحات التي تستخدمها (دوروثي) لفهم فعل شخص ما سواء أكان ذلك في الدراما أم في الحياة:

-        الفعل

-        الدافع

-        الاستثمار

-        النموذج/ المثال

-        الموقف / الفلسفة

تُشير دوروثي إلى هذه المصطلحات بكونها "مستويات"؛ مستويات تفسير الفعل أو الحدث، وكلها مستويات متعددة لـ "لماذا؟”، هذه هي الطريقة التي تُجسد فيها دوروثي تلك المستويات ) مداخلتي في أقواس):

لم أطرح أبدًا سؤال: "ما الذي ستفعله بعد ذلك؟". لكنني دائماً كنت أتجه لـ "لماذا؟". تبدو جميع أسئلتي، وكأنها لا تمت بأي صلة لما يريده الأطفال. لذا سيقولون: "هيا… لنكن قتلةٌ !"  (الفعل) ثم تقول " أوووه، ممم … ينبغي أن تكون لدي البداية الأمنة للمسألة "كوني سوف أنخرط بتلك الدوافع التي تقودُ للحصولِ على (مسدسٍ) لفعلِ أمرٍ ما به.

الدافع للقتل (ولأي حدث) يتعلق بما يريده شخصٌ ما ولماذا يريده.( علي الرجوع  إلى الانزياح) عن الصيغة لاحقا كي أواصل.  لكن يبدو وكأنني أسلب منهم مخيلتهم كوني أحاول إعادة مخيلتهم من خلال مستوى "الدافع". أما في حال محاولتي التفاوض مع مخيلتهم من خلال مستوى الاستثمار سيبدو الأمر أسوأ "سأبدأ بالتفكير بالكم؟  " كم مرةً  سيكون "الموت" هو الإجابة الجيدة" .

"الاستثمار " هو ما يضع القاتل على المحك. ضمن أي إطارٍ يُقدِم القاتل على الفعل؟ إلى أي مدى تفكرُ أو يفكرُ بالتبعات والعواقب، سواء تلك التي يفرضها القانون أم ذلك  الذنب الذي سوف يشعر به ؟ أو  كم من مرة يُحرر القتلُ القاتل من القتل؟  وما إلى ذلك.

ومع ذلك، ومع اقتراح "هيا لنقتل!"  تنتقل دوروثي إلى النموذج:

في حال انتقلتُ إلى ذلك المستوى ألاَ وهو "هل تعتقد بأن القتلة…  ". أتساءل إذا ما كان يميز القاتلون بعضهم البعض؟ يُقال بأن الناس يستطيعون تمييز ما هو مشتركٌ  مع بعضهم البعض  كما يقول المعلمون.

النموذج هو تجسيد لشيء ما في الشخص. بإمكاننا ربطه مع المصطلح المستخدم حديثاً " role model "المثال "دون الإسهاب بعيداً في دلالاته لدى دوروثي.  في إشارة إلى ذلك إلي بيئتنا المحيطة المرئية والمُتخيلة مقابل كيفية  تقديرنا وتعريفنا لأنفسنا. إن التصنيف الوحيد الذي يجب الإشارة إليه هو تصور دوروثي له على كونه أقل ثباتاً، أكثر تحولاً. وهي توضحه بهذه الطريقة:

إما" أن أرفض هذا النموذج لأني أريد "ذلك النموذج" "  أو  لأنني "أقدِّر هذا النموذج وأرغب في تقليده" .  بالنسبة لابنتي؛ أكون في بعض الأحيان أنا النموذج  بشكل أساسي وأحياناً أكون النموذج الأخير.

إن المستوى الأعمق هو" الموقف"، هي لم تستخدم "هيَا لنقتُل" كمثال للفعل. إلا أن الأمثلة التي طرحتها تخدم ذلك. وبالتالي من الممكن القول بأن مستوى) الموقف) للقاتل قد يكون.. " لقد سمعتها تُقال، لكنني لا أدري إن كانت حقيقة كون بعض الأشخاص يولدون بعلامة تشير إلى كونهم مثل "قابيل" على رؤوسهم" وبالعموم يركز الموقف على السؤال " لماذا؟" وكما تقول دوروثي إنه يتعلق ب " لماذا أنا هكذا؟" لماذا يجب أن يكون كذلك؟ "وهذا هو السؤال الذي سوف تستمر في طرحه.

إن سبب التساؤل الذي أقوم بطرحه هنا حول (الموقف) هو لكوني أعتبر  بأنه هو  ما يفسر غاية الحياة.

بإمكاننا تلخيص وتطوير الجدول الآن على النحو التالي:

الفعل:  التصرف، كيف يتم إنجاز شيْ ما؟

الدافع: لماذا يقوم بإنجازه، ما الذي يريده/ تريده مقابل القيام به؟

الاستثمار: ما هي المصلحة التي دفعتهم للقيام به.

النموذج:  أين يتم رفض أو تقليد التصرفات؟

الموقف- لمَ هي الحياة على هذا النحو؟

 

الانزياح كطريقة "للتفاوض"

دعوني أعود لتلخيص الأسئلة التي تتعلق ب الانزياح التي ذكرتها مؤخراَ.

من المهم جداً التمييز بين الانزياح (obliqueness) والالتباس/الغموض (vagueness) . حتماً فإن الغموض لا محالة سيكون فقير التأشير (signing). وقد يؤدي إلى التباس غير منتج أو إلى (نقص في التركيز) أو تعميم بلا محتوى يمكن أن يثير الأطفال في التفكير أو النشاط الدرامي

يعُد الانزياح "الغموض" كما تطلق عليه دوروثي متناقضاً بشكل جلي.  إنه تركيزٌ حاد ولكن ضمن مسار عام؛ لديه قوة فاعلة تتكون بشكل مختلف تماماً عن سجل من "حديث المعلم" الذي قد يكون واضحاً (لكن، وفي كثير من الأحيان ليس للأطفال – لأنهم يقرؤون الإشارات التي تدل على "الممل") إن الرنين (resonance) عنصر مهم يساعد في دعوة الأطفال  إلى أي محادثة حول الأغراض، ولكن من خلال الاستكشاف الدرامي للحدث.  يشكل الانزياح حافزاً تعليمياً مثيراً لهم للانخراط والانضمام للبدء في الاستكشاف الدرامي.  بينما تؤكد دوروثي "أن الأطفال يفهمون مباشرةً "بسبب قدرتهم الكبيرة على قراءة الإشارات وأنا اتفق معها من خبرتي الشخصية. 

إن الغشاء ما بين الشجاعة المطلقة لحدث ما في الوقت الذي يبدو حدثاً رائعًا للغاية، يعني أنك وعلى الأغلب بإمكانك الغوص إلى مناطق أكثر خطورة. 

(تقول دوروثي، بطريقة ما،  إن كل إبداعاتك المدروسة بعض النظر عما تفعله، لا بد من ربطها بطريقة ما بالبيئة المتغيرة المحيطة بها " ومن خلال ذلك يتم استكشاف جميع المستويات) لقد اختبرَت ذلك مع مجموعة من الأطفال الذي كان يرغبون بأداء(اليهود والنازيين). كانت تجربتهم حول الدراما الحيَة – لديك المعرفة- وتجلس على الطاولة وأنت تعلم بأنك يهودي وتتحدث عما تريد فعله في الألمان أو أشياء أخرى- وأنا أقول " لا أنت لست كذلك. أنا لا افعل ذلك، لن تجلس حول تلك الطاولة قبل أن تخبرني عن مكانك بعد تلك الجلسة بثلاث ساعات حينها سنبدأ بالعمل من جديد" وبالطبع كانوا مرتبكين. ولكن سيكون بإمكانهم فجأة فهم كيفية تأثير هذين المستويين (النموذج والموقف) فكلاهما لا يقبل أن تغلق طريقهما بالمدرعات من ناحيتيها. وبالتالي ما تحصل عليه هنا هو فهمهم لمَ هي الحياة خلال عملهم بأيديهم. وهذا يحدث خلال ثلاث دقائق.

علاقة المستويات ببعضها البعض.

ما يمكن أن نراه من خلال هذا المثال(اليهود والنازيين) هي الطريقة التي تتحدى بها دوروثي التتابع او الزمن الدرامي، إن التسلسل الزمني يتتابع من (الحدث أ) إلى(الحدث ب) إلى (الحدث ج)  ويستمر ذلك حتى نهاية القصة أو  الحبكة.، ولكن عوضاً عن ذلك، اقترحت تسلسلا قد لا يرتكز على كل تسلسل الاحداث، وهو فقط الشكل الخارجي للقصة خلال الانتقال مما يحدث بعد ثلاث ساعات بعد إغلاق النازيين الشوارع في النهايتين. الاستكشاف المعمق للحظتين الاخيرتين قد يصبح ممكناً، من خلال تسلسل مستويات المعنى. لا يوجد تَتابُع ثابت لذلك. وعوضاً عن ذلك بإمكان المعلم أولاً ملاحظة بأي مستوى منخرط الصف بالدراما. وثانياً إلى أي مدى ستكون المادة بحاجة إلى تدخل في أية لحظة. كل مستوى يقدم توجهاً مختلفاً بناء على الحدث وكليهما يقدم توجهاً ملموساً للمادة. مثلا أحدهما يسمح للمعلم بالتركيز على الدراما وكأنك تقوم بإعادة المخروط وتستكشف الفعل أو الحدث من خلال الحقائق التي يتضمنها “هيا لنقتل!" (الفعل) على سبيل المثال قد يصبح مشهداً حول “ما الذي يقود شخصٌ ما إلى القتل؟" (منطقة التعلم) إن للمستويات حقائق مختلفة تساعد الشخص في استكشاف الفعل ومنطقة التعلم كله يساهم في تكوين  المخروط.

من الملاحظ بأن هذا النهج في تفكير المعلم وبناء الدراما سوف يبطئ الأحداث في المسرحية، بينما يثري أو"folding in" (مصطلح يستخدمه Gavin Bolton ( المحتوى من موقع غايات تعليم المعلم. 

في حالة دراما (اليهود والنازيين) تطبق دوروثي العلاقة بين مستوى وآخر. وهي ليست منفصلة أو متميزة بالمصطلحات الدرامية أكثر من انفصالها في الحياة. ينطلق كل مستوى من المستوى الأدنى منه حسب الجدول. عند تحرك الفعل (سلسلة أفعال) أو (الحدث) في الحياة، غالباً ومع الوقت وفي مناسبات نادرة تكشف كل طبقة عن نفسها. في تلك الحالات يظهر المستوى الأدنى فجأة. على سبيل المثال، قد يحدث خلاف بين شخصين على شيْ تافه، في البداية سوف ترى لماذا هما مختلفان ويرفض كلاهما التحدث مع الآخر (الفعل). قد يكون (الدافع) واضحاً تماماً ومن الممكن مشاهدته. أحدهم يرغب بمعرفة ما الذي يحدث بحيث يقوم بجلب حاضنة أطفال، الآخر يريد أن يُظهر بأنه أو بأنها ليست طائشة عندما كانت أو كان موجوداً. قد ينتهي هذا الجدال أو لا ولكن ومع الوقت وبجميع الأحوال سيكون (الاستثمار) سيد الموقف. ماهي المصلحة من وراء هذا الجدال التافه " ما هي طبيعة العلاقة التي يريدها الطرفان" أو ما مدى أهمية أن يكون كليها مهتماً بالآخر) قد تكون تلك العلاقة على المحك!) حينها قد تأخذ المعاتبات منحى آخر “أن تشبه زوجي الأول، دائماً تتجنب أي شيْ لا تحبه- وسأتوقف عن رعاية الطفل"  بهذه الطريقة يظهر النموذج ، إلى أي مدى تُحب زوجها الأول؟ والدها؟ إلى أي مدى هي عالقة في نموذج ما وتتوقع أن يكون هو مثله؟ إلى أي مدى يعاملها كما يعامل والده والدته؟. .  قد يستمر الموقف مرةً أخرى وقد ينبثق منه فجأة " لم تزوجتني منذ البداية إن كنت لا تحبني كما أنا!"

يتطلب التمثيل ضمن هذا التسلسل أن يعلم الممثل مستوى الموقف حتى يجسد جانب " التفاهة" بشكل حقيقي.  من المرجح أن تتواجد جميع المستويات وإلى درجة ما في كل فعل سواء أكانت الشخصية على علمٍ به أم لا. تحدد المستويات المتدنية المستويات العليا. وبالتالي ومع الدراما. تكون المستويات كالدرج الذي تصعده وتنزله. الماضي يولد الحاضر. يستمر المستقبل من خلال الماضي في الحاضر. بالتأكيد ليس بالضرورة أن تكشف المستويات المختلفة ضمن هذ التسلسل فيما يتعلق بالظواهر الملحوظة (أنظر أدناه)، ولكن هنالك منطقاً داخلياً محدداً للمستويات التي صنفتها دوروثي.

القسم الثاني

مستويات الشرح كتصنيفات موضوعية.

يجب الأخذ بالاعتبار بأن مستويات دوروثي تُشير إلى الموضوع أو الموضوعات للدراما والشخصيات. وعلى هذا النحو تُتيح للأطفال الخوض في موضوع القتل أو اليهود أو أي موضوعٍ قد تُركز عليه الدراما. وكما ذكرنا فإنه يُتيح لنا الخوض داخل الناس(بل ومن الممكن أن نرى أنفسنا من خلالهم؟) لفهم الناس عليك أن تكون قادراً على الخوض داخلهم وأن تكون معنياً في التأثير  عليهم. وهذا يعني بأن عليك استيعابهم ضمن شخصياتهم وأيضاً استيعاب الظواهر الموضوعية التي قد لا ترتبط بك "التفهم"

لا يتحدد سلوك الافراد بشكلٍ مباشر بالبيئة المحيطة بهم، ولهذا  السبب فإن اكتشافهم لذواتهم فقط لا يمكن أن يفسر  تصرفاتهم. ما يتبع ذلك هو محاولة إعادة العمل على مستويات التفسير لدى دوروثي ابتداء من الهدف و وجهة نظر  ماديًة.  لا يتم فعل ذلك ليتعارض الهدف مع ما هو موضوعي وما هو ذاتي.  The objective to the subjective . بل على العكس يطغى الفعل ويستمر في الفعل.  من الممكن رؤية العملية الكلية بوضوح عندما يمر الطعام (المفعول به) للفرد (الفاعل)الذي يأكله: إن ابتلاع المنتجات الطبيعية  المفعول بها تُنتج وتُعيد إنتاج الفاعل. يتصل الفاعل أو الفرد مع الطبيعة أو المجتمع  إلخ.. ولا ينفصم عنهما كما أنه لا يمكن ألا يرتبط وجوده دون هذا الاتصال. ما هو صحيح حول الطعام هو أيضاً صحيح حول كل شيْ آخر.

1)     بدلا من النزول إلى مستويات التفسير لتطوير عمل  آخر منهما . علي البدء بالمستوى الرئيسي الذي يحلل أفعال الأفراد ويعمل "بشكل عمودي". إن الإشارة إلى الموقف لدى دوروثي يركز بالأساس على فلسفة الحياة التي يتبناها الفرد. فهو أو هي يتبنى أفكاره الخاصة. في الواقع، نحن نتبنى ما يدور في العالم ، العالم الذي وهب لنا بموضوعية.  فإذا عوضاً عن الموقف فإننا نستبدل بذلك "بالعالم" أو "الطبيعة". 

في البداية ينضم الانسان إلى هذا الكون كفرد. وذلك بأن لدينا وجود كائناتي ضمن المحيط. species being كذلك الأمر بالنسبة للكائنات الطبيعية. نحن جزء من الطبيعة (كما أننا نتميز عنها) لدينا سلوكيات(كالأفعال) تعود للقوانين الطبيعية والموضوعية according to natural objective laws. إن قوانين الطبيعة تلك منفصلة عن الأفراد. إن حالة المعرفة لديهم كالقوانين ومستقلة عن الانسان كالأنواع. وبمعنى آخر نحن خاضعون لقوانين الطبيعة. 

وبالتالي لفهم فعل الفرد؛ بإمكاننا فهمه بمعزل عما تفعله العملية الطبيعية على وخلال الانسان أو الطبيعة البشرية، علينا أن نتعامل مع طبيعة الطبيعة البشريةthe nature of human nature وباختصار بإمكاننا تصنيفه هكذا:

 

الموقف-الطبيعة (الكون) لماذا هي الحياة كذلك؟، ما معنى أن تكون إنساناً؟

 

2)     علينا الآن التمييز في مضمون مفهوم الطبيعة البشرية. لأنها ليست ثابتة أو غير قابلة للتغير. إن الطبيعة البشرية هي نسبية وحتمية. إنها مشروطة تاريخاً. بالإمكان القول أننا في تطور أنواع وعلائقي (evolving species/relative ( مثال: كل شيْ طبيعي هو خاضع للتغيير. أي شيء حي عليه أن ينضم للوجود وكما عليه أن يموت كذلك). في مستوى الطبيعة نحن خاضعون للمُطلق بشكل أساسي: objective law

والأقرب الى ذلك ما نعتبره متحولاً كشرط تاريخي هو النموذج، تاريخاً فإن الفعل مشروط. مارتن لوثر بنى أطروحته على غرار wurtemburg    في مرحلة تاريخية معينة. إن بناء الاطروحة على أبواب كنيسة الآن قد يتضمن محتوى مختلفاً تماماً. لدى فعل لوثر (أو أي شخص آخر) محتوى محدداً وهو انتاج تاريخي وطرح للتاريخ المستقبلي. في حين في مستوى النموذج لدى دورثي فهي تتعامل مع النماذج ضمن سيرتنا الذاتية المباشرة. بإمكاننا تضمين هذا المفهوم التاريخ البشري كونه يتضمن فعل" الإنجاز" على سبيل المثال سواء أكنا مدركين له أم لا ، إن فعلَ كتابة بيان ما من قبل شخص ما لا يحتوي هذا البيان فقط على نموذج يتعلق بمن علمك الكتابة بهذه الطريقة، إنما أيضا تاريخك الكامل في الكتابة, باختصار فإن التاريخ الفردي للفرد لا يمكن فهمه خارج فهم التاريخ بشكل عام.

 

تاريخ النموذج- كيف كان السلوك مشروطاً تاريخياً؟

3)     التاريخ: لكن التاريخ ليس تدريجيًا، إلا أنه يكشف التطور  البشري خطوة بخطوة (أترك جانباً عصور ما قبل التاريخ لأسباب تتعلق بنا) إنه صراع الطبقات. نشأت الطبقات تاريخياً خلال عملية صراع البقاء في الطبيعة. استطاع مارتن لوثر كتابة أطروحته لأنه كان يعيش في طبقةٍ سمحت له بالكتابة . إن فعله لم يكن مشروطاً تاريخياً فقط بل كان مشروطاً اجتماعياً أيضاً.

إن فعل الافراد في الحقيقة هو فعل اجتماعي لمصلحة طبقة أو عدة طبقات ضد طبقة أو طبقات أخرى. لا يعد فقط استثماراً فردياً شخصياً، بل استثماراً اجتماعياً.  إن مصالح الطبقات على المحًك.) بغض النظر عن مدى وعي الفرد أو نواياه)  فإن فعله له علاقة بطبقة معينه.

الاستثمار- علاقة اجتماعية (طبقية) –  تتم الخدمة لمصلحة من

4)     إن أفكاره ونواياه ودوافعه مشروطة تاريخياً واجتماعيا وهي تعبر عن التطور النسبي للطبيعة البشرية. كما يُعتقد إن الدافع قد يكون فعلاً واعياً – كحالة لوثر ( ليس بالضرورة أ يكون الأمر دائماً كذلك) ولكن الأفكار أو الدوافع قد يكون لها شكل محدد . عندما نحلل الفعل لا نكون محددين بتحليله ضمن شكل تفكيرٍ محدد. من خلال الاستفادة من المستويات الدنيا بإمكاننا أن ننطلق خارج نطاق الشكل للكشف عن فحوى الأهداف  لتفكيره الموضوعي. قد يرغب بالوصول إلى أكثر من شيْ: لكن تصرفه يؤدي فعلياً الى المساهمة أو الإنجاز  وما إلى ذلك.

 هنا سيتم ملاحظة أن الدافع يتضمن بالضرورة التحرك قُدماً والانطلاق نحو المستقبل ونحو إدراك مضمون الطبيعة البشرية. إن دافعاً معاكساً سيقود الطبيعة البشرية  إلى العودة للتاريخ (الماضي) لطالما كان صراعهما محركاً للتاريخ الذي ينعكس على الموضوعات.  وفي صراع الوصايا؛ تتضمن دوافع الافراد بشكل أو بآخر كل التطور ا التاريخي- لاجتماعي للبشرية.

الدافع- الوعي الفردي - لماذا يفكر امرؤ هو أو هي  بفعلٍ ما؟

طالما يعُد الادراك وكذلك الأفكار لدى الافراد مشروطة اجتماعياً. في الواقع هو ليس فقط وعياً فردياً، بل هو تعبيراً عن الوجود الاجتماعي والعلاقات بين الطبقة  نفسها التي يأتي منها الفرد . كون الوعي الفردي مشروطاً تاريخياً واجتماعياً بشكل الوعي الذي لا يمكن أن يصل الى حدود معينه. والذي أوجده التاريخ بموضوعية (هنالك درجة محدده للتسامح عبر التاريخ- لا سيما المهتمين في أكثر المفكرين ابتكارًا لكن الأوفر حظًا على كل تصوراته الثورية، لم يستطع القفز  فوق التاريخ ليكون ماركسيًا ، وهذا هو السبب في أننا لا نستطيع تحمل الحافز فقط ، فيما يتعلق بوعي الشخصيات.

يجب علينا أن نحقق في شكلها لتثبت حالاته، وهذا هو ما يدفعنا إلى الأسفل في تحليلنا إلى المستويات المتدنية.

 

الخلاصة:

إن مستويات التفسير لدى دورثي ومن خلال مراجعتي لها ليست ثابتة، ومنفصلة  عن أفعال الأفراد ويتم ضبتها مع بعضها البعض وتتداخل بشكل متبادل في عملية مستمرة. يتم فصلها فقط لغرض تحليل الفعل ولكن أيضًا، كما هو الحال مع مستويات دوروثي ، كلما كان المستوى أعمق(متدنٍ)  يصبح محتواه مهماً وأساسيا. وهذا كما تقول دوروثي هو ما نريد حقا أن نعرفه عن ماهية هذه الحياة.  ماذا يعني أن نكون بشراً، نحن ننظر الى فعلٍ محدد. يقوم به فرد ما ليكشف عن العالم الذي جاء منه . سأختم بتلخيص المستويات التي قمت بإعادة العمل عليها في الجدول أدناه:

 

هيثكوت

جيلهام

 

ذاتي

موضوعي

 

الفعل

الفعل

الخاص (الفعل)

الدافع

الوعي الفردي

الخاص في الفردي

الاستثمار

علاقات اجتماعية (طبقات)

الخاص في الفردي في الاجتماعي

النموذج

التاريخ

الخاص في الفردي في الاجتماعي في التاريخي

الموقف

الطبيعة (الكوني)

الخاص في الفردي في الاجتماعي في التاريخي في الطبيعي (في الكوني)

 

وكذلك بالعكس

الطبيعة (الكوني)

الطبيعي (أو الكوني)

التاريخ

الطبيعي (أو الكوني) في التاريخي

العلاقات الاجتماعية الطبقية

الطبيعي (أو الكوني) في التاريخي في الاجتماعي

الوعي الفردي

الطبيعي (أو الكوني) في التاريخي في الاجتماعي في الفردي

الفعل

الطبيعي (أو الكوني) في التاريخي في الاجتماعي في الفردي في الخاص

 ***

 تعقيب على مقالة جيف جيلهام

دوروثي هيثكوت

بشكلٍ رئيس؛ قام جيف بتوضيح أفكاري بطريقةٍ صحيحة لكن باعتقادي أن هنالك نقطتين سأطرحهما قد تشكلان بدايةً للنقاش ليصبح أكثر وضوحًا  لأي شخص قد يرغب في تطبيقها  في أعماله الخاصة وبالشكل الذي يناسب أسلوبه.

في البداية، فإن مستويات التصرف تُتيح للقائد قبول معظم البدايات السطحية shallow seeming beginnings   : ("هيَا لنفعلَ شيئاً ما"  غالباً ما تكون البداية الطبيعية للانطلاق مع مجموعة تتوقع الفعل الدرامي) كون الطبقات الخمس تتيح للقائد الفرصة للتحفيز إلى العمل. مما قد يساعد القائد لاحقاً على العمل ضمن مستوى يستطيعون فعلياً التعامل معه ويجدونه مُثيراً.  وبالتالي سيتم حرفياً التوفيق ما بين جميع جوانب "القدرات المتداخلة"  خلال  الجلسة، حينها  نجد أن البعض يبدأ بالعمل ضمن فكرة النشاط في حين أن هنالك آخرون يتجاوبون  مع القائد الذي يحفز إلى الدافع والاستثمار والنموذج والنظرة  للحياة .والتي يشير إليها جيف على أنها (الموقف).

في التعليم، والذي طالما كان أحد مخاوفي. لدي محركاً يساعد الأفراد على الإيمان بمفهومهم الشخصي للحياة على المدى البعيد لأنني أود أنا وتلاميذي أن نأخذ ذلك بالاعتبار باستمرار.

 تدعو الدراما للفعل، ففي ظروف المجموعات الاجتماعية ‘تُهيمن على العلاقات البشرية لحظاتٍ من الضغط والتوتر.  القائد الذي يستطيع أن يساعد المجموعات المكونة من أفراد على التأمل في نظرتهم الشخصية للحياة، فإن هذا برايي أهم شيْ يمكن أن يقدمه المعلم و ( تجربة الدراما) للمجتمع وبالنهاية تزرع بذوراً صغيره  للسياسات التي قد تحول الأفراد أعضاء فاعلين في المجتمع وفي الأمم  وفي العالم.

من جهةٍ أخرى فإن استخدام طبقات التفكير تلك، تتُيح للمعلم الحصول على مفتاحاً للتقدم في العمل الدرامي. كلما استطاع عدد أكبر من المشاركين "البحث "في طبقات السلوك تلك، تظهر مستويات الفعل وكأنها حقيقية بشكل كبير وتصبح أكثر جهوزية لاختبار الطرق التي  يتواصل فيها شكل الفن الدرامي. وبالتالي فإن الشق بين شكل الفن الدرامي والتعليم يصبح غير مرئي. لم أقابل يوماً مجموعةً غير قادرة على التقدم من خلال تلك الطبقات من الفعل إلى تحمل مسؤولية الفعل مدى الحياة وتقديم قائد قادر على بناء مهارات استراتيجية. لكن هذا قد يكون موضوعاً لمقالةٍ أخرى.

·       جيف جيلهام هو كاتب و مدير في مجلة TIE . نشرت مقالته هذه في مجلة المسرح والتعليم العدد الاول في سبتمبر 1988