كتبَ محمود درويش مرة: "أكتب لألعب، نعم لألعب... "، كيف يمكنْ للكتابة أن تكونَ لعبًا؟ وكيف يمكن لهذا للعب أنْ يغدو تعبيرًا؟

-       حين تتخلص من كونها واجبًا مقيتًا ولهاثًا وراء العلامات.

-       حين تتحول إلى متعة لا تقيدها شروط الصياغةِ وسطوة القواعد.

-       حين تتخلص من أسر التراكيب الجاهزة التي تكبلنا.

-       حين يعتريها قدر من التشويق والاحساس بجدواها وقيمتها.

-       حين تتحول الكتابة لتصبح فنا وعاكسا لأفكارنا، ومشاعرنا وحاملة لتجاربنا وخبراتنا. 

-       حين تصبح عملا غير روتيني وتشعرنا بالتقدم.

-       حين تتحول الكتابة الى رقص؛ حين يرقص الحبر في المساحة البيضاء بكامل حريته ورشاقته.

-       حين تصبح الكتابة ممارسة يومية وطبيعية لا نشعر إزاءها بالخوف أو الاضطراب أو عدم الثقة بقدرتنا أو الاعتقاد بأنها تؤدي بنا الى مزالق وأخطاء في التراكيب وإنشاء العبارات والاملاء... .

-       حين يتخلى المعلم عن قلمه الأحمر.

 

لماذا لا يحب الأطفال الكتابة في المدارس؟

-       لأن دراسة اللغة ليست على صلة بواقعهم الاجتماعي، وتبدو منفصلة عن حياتهم اليومية ولا ترتبط بمعارف الطلاب، وخبراتهم وتجاربهم وأحلامهم.

-       لأن معظم أساليب تدريسها المألوفة جامدة وغير مشجعة.

-       ندرة التعامل مع النماذج الأدبية المحفزة والسياقات الملهمة.

***

قد تكون الكتابة فعل عبودية وقد تكون فعل تحرر؛ حين نتورط في التقليد فإننا نقع في أسر الآخرين، وحين نتفلت من أساليبهم بحثًا عن أسلوبنا فإننا نتلمس الحرية ليس بحبرنا وأقلامنا وحسب بل بأجسادنا، بأصابعنا، بخلايانا، بخيالنا، بفكرنا، بمشاعرنا. هنا تغدو الكتابة فعل خاص ولها مغزى شخصي. "حين أكتب فأنا أصغي لانفعالي، لأفكاري، وأحاول أن أسترجع على الفور ما أحسسته أو فهمته. يهمني أن أحافظ على الأشياء كما يحسها الذين أحب وأقدر" باجين

***

 يواجه تدريس اللغة العربية إشكاليات كثيرة، وعقدت الكثير من المؤتمرات في هذه الشأن وأنجزت دراسات وأبحاث وبقيت معظمها في إطار نظري صرف، أو تحولت إلى دروس نمطية، ومصطنعة. ولم تتحول إلى مقترحات عملية وحيوية  في التدريس، ولم ننتقل من "الإنشاء" إلى "التعبير"، ولم يقتصر الأمر على اللغة العربية كموضوع بل امتد ذلك إلى كل الموضوعات حيث أن اللغة جوهرية في الاتصال والتواصل والتعبير في كل الحقول، وافتقرت الكتب المدرسية إلى نصوص ملهمة وكذلك لم يحظ كثير من المعلمين بفرصة التفاعل مع تجارب جديدة يمكن لها إغناء تجربتهم ومن ثم توظيفها في التدريس.

ولقد تسنت لي قبل عامين فرصة تأليف خمسة عشر وحدة في مجال الكتابة والكتابة الإبداعية لتنمية قدرات الأطفال ما بين 12 – 16 عامًا في مجال التعبير اللغوي من خلال جامعة بير زيت ومؤسسة اليونسيف. ولقد قمت بمراجعتها في ضوء التجربة والتعديل عليها شكلا ومحتوى وستكون متاحة في الموقع وتتجاور مع الوحدات الجديدة المنشورة.

***

تنبني فكرة الوحدات على توظيف الفنون المختلفة كملهم للكتابة، وعبر تمرينات تدرجية للوصول إلى كتابات جيدة ويتم إنتاجها من خلال توظيف الصور والأصوات مع النصوص ونشرها عبر الوسائط الرقمية المختلفة وفتح فضاء لمحاورتها. ويتطلع المشروع إلى أن يكون التلاميذ مؤلفين، مصممين، مؤدين، مخرجين، ناشرين، محاورين حيث إنَّ تحولات التواصل والتعبير بين البشر باتت تتخذ ملامح جديدة ومن بينها أن الواحد منا بات يكتب ويصور ويصمم وينشر ويحاور وبالتالي فإن احتكار الكتابة أو التصور أو النشر لم تعد مقتصرة على جهات دون غيرها، بل بات ذلك متاحًا للجميع.  ولا بد من الإشارة إلى أن مشروع الوحدات يتطلع أيضًا إلى الإفادة من الأدوات الرقمية الذكية في إنتاج معرفة ذات معنى ومغزى بحيث يمكن لنا توظيفها فيما يفيد بدلا من نتحول إلى مستهلكين وعبيدين لها.

***

تستند هذه الوحدات على

1)    توظيف الفنون المختلفة وبخاصة الرسومات والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والأفلام في الحث على التخيل والتعبير.

2)    كتابة نصوص على هيئة قصص، مقالات، حوارات... مستلهمة من الفنون.

3)    الكتابة كتمرين وكعملية متعددة المراحل والمستويات.

4)    تصميم شكل المنتج الكتابي بصريًا و/أو بصريا

5)    توظيف التقنيات الرقمية صوتا وصورة في إنتاج التعبير.

6)    نشر المنتج عبر وسائط التواصل الاجتماعي.

7)    فتح الحوار من خلال الفضاءين الواقعي والسيبراني.

8)    دمج الحركي والبصري واللغوي معا في سياقات التعلم / الأيقوني، الرمزي، الفعلي.

***